الصحفي إصليح: الاستهداف والتجويع يعيق عملنا الصحفي

غزة – علم24- يروي الصحفي بوكالة علم24 – على إصليح إفادته وماجرى معه من معوقات منذ بداية الحرب.
يقول: “أنا علي إبراهيم علي إصليح (31 عاماََ) متزوج وأب لطفلة صحفي في وكالة علم 24 من سكان خانيونس جنوبي قطاع غزة” .
أنا متزوج ولدي طفلة ولدت في الحرب، أعمل في مجال الصحافة منذ 10 سنوات، وبدأت العمل قبل 3 سنوات مع وكالة علم 24، من سكان حي المنارة في خانيونس وحاليا نازح في مواصي خانيونس.
أصبت بجروح في استهداف طائرات الاحتلال خيام الصحفيين قرب مجمع ناصر الطبي في خانيونس، بتاريخ 7\4\2025. كنت توجهت للنوم في الخيمة المخصصة لنا قرب المجمع الطبي، الساعة 12:30 بعد منتصف الليل بعد تغطية متعبة لوصول شهداء بعد قصف إسرائيلي في المخيم. بعد نحو نصف ساعة من نومي استيقظت على صراخ الصحفيين زملائي الأربعة الذين كانوا معي في الخيمة وأُصيبوا جميعا، منهم عبد الله العطار وأصيب في بطنه، ومحمد فايق أبو مصطفى أصيب في قدمه، ويوسف سرسك وهو شاب يعمل معنا أُصيب في رأسه. كان الدخان كثيفا في الخيمة، كنت في حالة صدمة لا أفهم ماذا يحدث، خرجت من الخيمة، وجدت الخيمة تحترق وصراخ الناس تردد حسن حسن (الصحفي حسن إصليح، 37 عاما)، الذي كان في الخيمة المجاورة. شعرت بالقلق فحسن ابن عمتي. كنت في حالة صدمة لم أكن لحظتها أدرك ماذا يحدث حولي. فجأة رأيت الناس تحمل شخصا وجهه مغطى بالدماء ويصرخون حسن. ركضت معهم إلى قسم الطوارئ وأنا مازلت بصدمتي. بعد وصولي للطوارئ تحسست ساقي وجدتها دافئة وتنزف ولم أفهم كيف ذلك. ذهبت للطوارئ وهناك سقطت على الأرض، فأخذني الأطباء والممرضون ليتعاملوا مع حالتي وأنا كل ما أفكر به حسن، وماذا يحدث معه. طمأنني وقتها أحد الزملاء عن حالته وأنه مصاب ببعض الجروح وأن الاستهداف لخيمة ملاصقة، وهي للصحفيين من وكالة فلسطين اليوم. وتبين لي أن القصف تسبب باستشهاد الصحفي حلمي الفقعاوي، 28 عاما، ويوسف خليل ابراهيم الخزندار، 29عاما، الذي يقدم خدمات للصحفيين، وكذلك إصابة 10 من الزملاء إضافة لي. في هذه اللحظة هدأت قليلا بعد أن علمت أن حسن لم يستشهد لأنني منذ أن سمعت بإشاعة استشهاده شعرت بالانهيار. وتبين أن إصابتي كانت شظية تحت المعدة وشظية مدخل ومخرج في الفخذ. وعلمت أن المصابين هم: حسن عبد الفتاح اصليح، 37 عاما؛ ايهاب اياد البرديني، 33 عاما؛ احمد سعيد الاغا، 35 عاما؛ ماجد دياب قديح، 41 عاما؛ عبد الله فؤاد العطار، 24 عاما؛ ومحمود محمد عوض 36 عاما، ومحمد فايق، 27 عاما، والصحفي أحمد منصور، 28 عاما، الذي اشتعلت فيه النيران وهو يجلس على الكرسي في خيمة فلسطين اليوم، وكانت حالته حرجة وتوفي فجر اليوم التالي الثلاثاء 8/4/2025. كما أصيب الصحفي عبد الرؤوف سمير شعث، 33 عاما، بحروق خلال محاولته إنقاذ المصابين.
جاءت إصابتي كجزء من رحلة معاناة وواقع صعب نعيشه منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فمثلي مثل باقي الصحفيين في القطاع، بدأت منذ بدايات الحرب، فقد كان الأمر صعبًا للاستيعاب من شدة القصف والأحزمة النارية وتتابع الأحداث، وعملت كغيري بكل جد لنقل الأحداث بشكل مهني على الوكالة، رغم صعوبة الأوضاع في ظل أجواء الحرب وخاصة بعض استهداف مقر العمل وذلك في مقر بيت الصحافة، واستهداف الطرق والصحفيين بشكل مباشر. لجأنا كصحفيين للمستشفيات وضاقت الأمور كثيرا، وقد كان عليّ أن أوازن بين عملي وبين عائلتي وأن أوفر لهم الطعام والشراب، وخاصة أن زوجتي كانت حاملا في ذلك الوقت. بتاريخ 1\1\2024، كانت أوامر الإخلاء من قوات الاحتلال طالت منطقة سكني في حي المنارة جنوب خانيونس، وبناء عليه نزحنا لمدينة رفح وكانت الأمور صعبة بعد أن صنعت خيمة ببطانية، وقد كنت لا أقدر على شراء الخيمة، ثم انتقلت معهم لضغوطاتهم وقلقهم عليّ وأنا بعيد عنهم. وفي رفح انضممت لمجمع الصحفيين في مستشفى الكويت، وعدت إلى عملي في النهار وحاولت أن أوازن مع شح الطعام والشراب. وخلال نزوحنا في رفح ولدت طفلتي الأولى ميرال في 9/4/2024.
في نهاية شهر إبريل 2024، عدنا إلى خانيونس بعد انسحاب قوات الاحتلال من عمقها، وقد كان بيتي مدمرا بشكل جزئي وقمت بإصلاحه وعشنا فيه، وكنت أعمل من البيت، ولكن بعد فترة قصيرة عدت للعمل من مجمع ناصر الطبي. في 1\10\2024 وحينها كان الهجوم الصاروخي من إيران على إسرائيل وأنا كنت أغطي الخبر والمفاجأة أن جيش الاحتلال كان ينوي اقتحام حي المنارة، وبدأنا عند الساعة السابعة مساء نسمع أصوات القذائف وإطلاق النار الكثيف، واعتقدنا أن هذا بسبب الهجوم الإيراني، وبعد نصف ساعة زادت القذائف وتم استهداف المنازل المجاورة لنا من طيران الاحتلال، وبدأ الناس بالنزوح، فمن كان يستطيع الخروج من الحي خرج، ومن لم يستطع بقي في المنزل، ومنهم أنا وأسرتي، لأن جيش الاحتلال قد طوّق منطقة سكننا، وبقي هذا حتى الثالثة والنصف فجر اليوم التالي. كانت لحظات صعبة علينا، كان إطلاق النار نحو منزلنا، وقد كنت أنا وزوجتي وطفلتي ذات الستة أشهر التي ولدت في خيام النزوح، وجدي المسن علي عليان اصليح ، 79 عاما غير القادر على الحركة، إضافة إلى والدي وإخواني. بقينا في زاوية من إحدى الغرف، والقصف وإطلاق النار من الكواد كابتر الإسرائيلية لم يتوقف لحظة حتى انسحاب الجيش فجرًا. مع كثرة الاستهدافات للمنازل المحيطة تضرر منزلي بشكل بالغ وقد أصبح غير صالح للسكن، لذلك نزحت إلى مواصي خانيونس. عانيت كثيرا في العديد من المرات في توفير الحليب والحفاضات لطفلتي، وقد عانت كما عانينا وجميع الناس من الأمراض وخاصة الجلدية.
كصحفي أعاني بشدة لأتمكن من أداء عملي خاصة في توفير الكهرباء والإنترنت لاستمرار العمل وقد حاولنا التغلب على كل المعيقات والاستمرار ولو بالحد الأدنى.
مساء يوم 30 إبريل 2025، تعرض ما تبقى من منزلي المكون من 3 طوابق، وكنت أسكنه مع 11 آخرين من أفراد أسرتي، في حي المنارة للقصف من طائرات الاحتلال مجددا ما أدى إلى تدميره بالكامل هذه المرة. حتى الآن نعيش معاناة النزوح في مواصي خانيونس، ونواجه صعوبة توفير الطعام مع تشديد الحصار، وأحاول الاستمرار في عملي الصحفي رغم المخاطر والصعوبات المتعلقة بالإنترنت والكهرباء وكذلك الانشغال بتأمين احتياجات أسرتي خاصة مع نفاد البضائع من الأسواق.