“عربات جدعون 2”: خطة الاحتلال لاجتياح مدينة غزة

علم24 – قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مساء اليوم، الأربعاء، إنه وجّه الجيش إلى “تقليص الجداول الزمنية للسيطرة على معاقل الإرهاب الأخيرة وحسم المعركة ضد حماس”، وذلك قبيل المصادقة على الخطط المتعلقة بالمناورة العسكرية لاجتياح مدينة غزة.
جاء ذلك في بيان مقتضب صدر عن مكتب نتنياهو. وفي موازاة ذلك، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، في مؤتمر صحافي، أن قواته “وصلت إلى سيطرة عملياتية على نحو 75% من قطاع غزة”، وقال إن الجيش شرع بالمرحلة الثانية من عملية “عربات جدعون” التي تستهدف السيطرة على مدينة غزة.
وفيما شرع الجيش الإسرائيلي باستدعاء قوات الاحتياط، لم ترد حكومة بنيامين نتنياهو بعد على المقترح الذي قدمه الوسيطان المصري والقطري قبل يومين، والذي وافقت عليه حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية، ويقضي بوقف لإطلاق النار لمدة 60 يومًا وتبادل الأسرى.
ويأتي هذا في وقت تعقد القيادة الإسرائيلية اجتماعات داخلية لمناقشة والمصادقة على الخطط العسكرية لاحتلال مدينة غزة، مع حشد واسع لقوات الاحتياط، وسط تحركات عسكرية داخل القطاع في ما يبدو كأنه محاولة لتطويق مدينة غزة استعدادا لاجتياحها.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، أنه “في إطار الاستعداد للمرحلة التالية من العملية (“عربات جدعون”) تم صباح اليوم إصدار نحو 60 ألف أمر استدعاء لجنود الاحتياط. كما سيتم إبلاغ 20 ألفا من جنود الاحتياط الذين جندوا مسبقًا عن قرار تمديد أوامر خدمتهم الحالية”.
وصادق وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، على خطة الهجوم التي أعدها الجيش وتحمل اسم “عربات جدعون 2″، والتي تستهدف احتلال مدينة غزة وتوسيع العمليات، وقال الجيش إن “القرار بشأن الاحتياط اتُّخذ بعد نقاشات معمّقة حول حجم القوات المطلوبة لمواصلة القتال”.
وبحسب التقارير الإسرائيلية، بدأت أوامر الاستدعاء لجنود الاحتياط بالصدور بما يتماشى مع متطلبات العملية، إلى جانب الموافقة على ما وصف بـ”الترتيبات الإنسانية” الخاصة باستيعاب نزوح متوقع للسكان نحو الجنوب، “بهدف عزل عناصر حماس داخل المدينة تمهيدًا للقضاء عليهم”.
ومن المقرر أن يجتمع الكابينيت الإسرائيلي يوم غد، الخميس، لمناقشة الموقف من رد حماس. وتشير التسريبات إلى أن العملية المرتقبة ستستهدف “تدمير البنية التحتية تحت الأرض وفوقها، وملاحقة المقاومين والسيطرة على ما تبقى من القطاع”، حيث يسيطر الاحتلال حاليًا على نحو 70% من مساحته وفق التقديرات الإسرائيلية.
“عربات جدعون 2”: تفاصيل العملية
وذكرت هيئة البث العام الإسرائيلية (“كان 11”) أن الجيش الإسرائيلي يخطط لإشراك خمس فرق عسكرية، بينها 12 مجموعة قتال لواءية، إضافة إلى لواءي فرقة غزة (الشمالي والجنوبي) في خطة الهجوم على مدينة غزة، والتي ستحمل اسم “عربات جدعون 2”.
ولفت التقرير إلى أن “الخدمة الإلزامية لجنود الجيش النظامي ستمدد ما بين 30 و40 يومًا، كما سيُستدعى نحو 60 ألف جندي احتياط، نصفهم من المقاتلين والنصف الآخر من أقسام الاستخبارات وسلاح الجو واللوجستيات وقيادة المقرات”.
وأوضح التقرير أن أوامر الاستدعاء بدأت تُرسل ابتداءً من اليوم، على أن يبدأ الالتحاق بعد الثاني من أيلول/ سبتمبر. وأضاف أن الجيش سيستدعي ثلاثة ألوية احتياط قتالية، مشيراً إلى أنه “في ذروة العملية سيبلغ عدد جنود الاحتياط في الخدمة الفعلية نحو 130 ألفاً، موزعين بين جبهات غزة والضفة الغربية والشمال”.
ولفت التقرير إلى أن الخطة تشمل “تحذير السكان في مدينة غزة، ثم تنفيذ عملية إخلاء واسعة، يليها تطويق المدينة واجتياحها برا والتوغل فيها”. وبحسب التعليمات التي تلقاها الجيش من المستوى السياسي، فإن الهدف المركزي هو “حسم المعركة ضد حماس”.
غير أن المصادر العسكرية امتنعت عن توضيح معايير هذا “الحسم”، مكتفية بالقول إن ما تبقى من القوة العسكرية للحركة هو لواءان من أصل خمسة، وإن رئيس الأركان، إيال زامير، يعتقد بضرورة “هزيمة حماس” دون تحديد المعايير التي بموجبها ستعتبر إسرائيل أنها هزمت حماس.
وفي الجانب المدني، بدأ منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة باتخاذ خطوات تمهيدية لتمكين عمليات إخلاء واسعة، من دون تدقيق، بينها توجيه تعليمات مسبقة للمستشفيات داخل غزة للاستعداد لإجلاء واسع.
ونقلت “كان 11” عن مصدر أمني أنه “بدأت محادثات مع منظمات دولية من أجل إنشاء مستشفيات ميدانية إضافية في جنوب القطاع، وهناك استجابة إيجابية لذلك”، موضحاً أن الخطة تشمل أيضاً “توسيع البنية التحتية الطبية القائمة بالتعاون مع منظمات دولية، ودراسة فتح طرق وصول إلى مرافق طبية جديدة”.
تحذيرات من استغلال المساعدات استخباراتيا
وفي قطاع غزة، حذرت وزارة الداخلية والأمن الوطني المواطنين من تقديم بيانات شخصية أو صور للمؤسسة الأميركية (GHF)، التي تعمل تحت إشراف الاحتلال الإسرائيلي بذريعة توزيع مساعدات إنسانية.
وقالت الوزارة إن “النظام الجديد” الذي يتطلب صورًا وبيانات شخصية يهدف إلى “إحلال منظومة أمنية استخبارية بدلاً من آلية المساعدات الدولية المعتمدة، وعلى رأسها وكالة أونروا وشركاؤها”، مؤكدة أن هذا المسار يهدد كرامة وحياة السكان المحاصرين.
في الأثناء، تبذل القاهرة جهودًا مكثفة لدفع إسرائيل إلى قبول مقترح الوسطاء، إذ نقلت قناة “القاهرة الإخبارية” شبه الرسمية عن مصادر مصرية قولها إن “إسرائيل لم ترد حتى الآن على مقترح الوسطاء بالتهدئة بعد مرور 48 ساعة من استلامها المقترح”.
وأشارت القناة إلى اتصالات متواصلة تُجرى مع الأطراف كافة لحث تل أبيب على التعاطي الإيجابي مع العرض. وكانت حركة حماس قد أعلنت قبولها المقترح الذي يتضمن “مسارًا للتوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء الحرب، يبدأ بوقف إطلاق النار 60 يومًا يشهد تبادل أسرى وإعادة التموضع الإسرائيلي مع تكثيف إدخال المساعدات”.
لكن مسؤولاً رفيعًا في مكتب نتنياهو قال الثلاثاء إن “سياسة إسرائيل لم تتغير، فهي تطالب بالإفراج عن جميع المختطفين الخمسين وفقًا للمبادئ التي وضعها الكابينيت لإنهاء الحرب”، وهو ما اعتبره مراقبون رفضًا ضمنيًا للعرض، رغم تشابهه مع المقترح الذي عرض سابقًا من المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف ووافقت عليه إسرائيل.
وبحسب تقديرات تل أبيب، تحتجز فصائل المقاومة نحو 50 أسيرًا إسرائيليًا في غزة، بينهم 20 على قيد الحياة، بينما يقبع في السجون الإسرائيلية أكثر من 10,800 أسير فلسطيني يعانون، وفق تقارير حقوقية، من التعذيب والإهمال الطبي والتجويع، ما أدى إلى وفاة عدد منهم.
من جانبه، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، اليوم، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، “موقف مصر الثابت والرافض لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه”.
وجدد السيسي التمسك بحقوقه المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بحسب ما جاء في بيان صدر عن الرئاسة المصرية.
وأوضح البيان أن الاتصال تناول “الجهود المصرية المكثفة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وسط تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع”.