نتنياهو بين ضغوط واشنطن وتمرد الائتلاف: هل يوقف الحرب لإنقاذ نفسه؟

علمـ 24
ذكرت تقارير إعلامية عبرية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه واحدة من أعقد مراحل حكمه، بعدما خسر السيطرة على توازنات ائتلافه الحاكم عقب تمرير الكنيست بالقراءة التمهيدية مشروع قانون يفرض ما يسمى بـ”السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية، في خطوة تتعارض مع توجهاته وتثير مخاوفه من مواجهة أزمة حادة مع حلفائه الغربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.
وتشير التقارير إلى أن نتنياهو يخضع في الأسابيع الأخيرة لضغوط أميركية غير مسبوقة من إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تسعى لإجباره على وقف الحرب في غزة. وقد تكثفت هذه الضغوط عبر زيارات متلاحقة لمسؤولين أميركيين إلى تل أبيب، من بينهم نائب الرئيس دي. جي. فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوثان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، لمتابعة مدى التزام إسرائيل بتنفيذ بنود خطة ترامب لإنهاء الحرب.
اللافت أن مشروع قانون الضمّ الجديد لم يأتِ من حزب كبير، بل من أفي ماعوز، رئيس حزب “نوعام” الصغير، الذي رغم تمثيله بمقعد وحيد في الكنيست، نجح في فرض طرح القانون على جدول التصويت بمساندة أحزاب اليمين المتطرف، مثل “الصهيونية الدينية” بزعامة بتسلئيل سموتريتش، و”عوتسما يهوديت” برئاسة إيتمار بن غفير، بالإضافة إلى دعم جزء من أعضاء الليكود ونصف كتلة “يهدوت هتوراة”، بينما امتنع حزب شاس عن المشاركة في التصويت.
وفي التصويت الذي انتهى بفارق صوت واحد فقط، أقرّ الكنيست مشروع القانون بـ25 مؤيدًا مقابل 24 معارضًا، فيما مرّ مشروع آخر لضمّ مستوطنة “معاليه أدوميم” بقراءة تمهيدية، بدعم من رئيس حزب “يسرائيل بيتينو” أفيغدور ليبرمان، وسط تردد المعارضة التي امتنعت عن إسقاطه رغم حضورها.
ويرى محللون إسرائيليون أن تمرير هذه القوانين يضع إسرائيل على مسار تصادمي مع واشنطن والعواصم الأوروبية، خصوصًا أن الضمّ الكامل للضفة قد يؤدي إلى فرض عقوبات دولية، في حين أن ضمّ “معاليه أدوميم” قد يُنفذ فعلاً في ظل التوسع الاستيطاني في منطقة E1 بين القدس والمستوطنة، وهو المشروع الذي عارضته الإدارات الأميركية السابقة دون اتخاذ خطوات عقابية حقيقية.
ويعتبر المراقبون أن الضغوط الأميركية على نتنياهو لا تهدف إلى فرض إملاءات مباشرة، بل لتقديم “تحذيرات صديقة” حول تداعيات استمرار الحرب في غزة على العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين. لكن في الوقت ذاته، تشير التصريحات الأميركية إلى أن الدعم لإسرائيل سيبقى قائمًا حتى في حال تجاهلت تلك التحذيرات.
ميدانيًا، ورغم اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة ولبنان، تحت ذريعة استهداف من يقترب من “الخط الأصفر” في القطاع، ما أدى إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين. كما يستمر تضييق الخناق الإنساني على سكان غزة عبر تقليص دخول المساعدات، إذ أفاد المكتب الإعلامي الحكومي بأن أقل من ألف شاحنة مساعدات دخلت منذ الاتفاق، في حين كان المفترض دخول أكثر من ستة آلاف.
وفي المقابل، تصر إسرائيل على منع “الأونروا” من استئناف عملها في القطاع رغم قرار محكمة العدل الدولية الذي ألزمها بتسهيل مهام الوكالة.
أما على الصعيد الداخلي، فيخشى نتنياهو من أن يؤدي أي قرار بإنهاء الحرب إلى انهيار حكومته، إذ يرفض سموتريتش وبن غفير وقف العمليات العسكرية. ومع ذلك، يرى مراقبون أن احتمالات إسقاطه تبقى ضعيفة، لأن حلفاءه في اليمين لن يحققوا أهدافهم خارج حكومته. ويُعتقد أن نتنياهو يسعى لإطالة أمد بقائه في السلطة على أمل إيجاد تسوية قانونية في قضايا الفساد التي تلاحقه، ربما عبر صفقة تخفف التهم الموجهة إليه مقابل اعتراف جزئي، تمكّنه من الإفلات من السجن.



